أجمل قصائد المتنبي: شاعر الحكمة والفخر والخلود
يُعدّ أبو الطيب المتنبي (915م – 965م) من أعظم شعراء العرب، ليس فقط في عصره، بل في تاريخ الأدب العربي كله. ارتبط اسمه بالحكمة، والعزة، والكبرياء، حتى أصبح شعره مرآةً لروحه المتوهجة وثقافته العميقة وشخصيته القوية.
تُعتبر قصائد المتنبي من الكنوز الأدبية التي خلدها الزمن، لجمال ألفاظها، وبلاغتها، وصدق مشاعرها، وقوة معانيها.
في هذا المقال نستعرض أجمل قصائد المتنبي وأشهر أبياته الخالدة، التي لا تزال تُتداول وتُدرّس حتى يومنا هذا

1. قصيدة إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
من أروع قصائد المتنبي التي عبّر فيها عن الفخر والطموح والثقة بالنفس:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
فطَعنُ في عُلى هاماتِ قومٍ
منابِتُهُنّ في لبنِ النجومِ
هذه الأبيات تُجسّد فلسفة المتنبي في السعي وراء المجد، ورفضه للرضا بالقليل، حتى جعل من نفسه رمزًا للطموح اللامحدود.
2. قصيدة أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
قصيدة شهيرة تفجّرت فيها أنانيته واعتزازه بنفسه، وهي من أشهر ما قال:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صممُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
في هذه الأبيات، لا يمدح المتنبي نفسه فحسب، بل يرسم صورة لنفسه كأديبٍ ومحارب، يكتب ويقاتل، ويعيش المجد بالكلمة والسيف.
3. قصيدة عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
من أعمق قصائده الوجدانية، كتبها في لحظة حزن واغتراب:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديدُ؟
أما الأحبةُ فالبيداءُ دونهمُ
فليتَ دونكَ بيدًا دونها بيدُ
تعبّر هذه الأبيات عن شوق المتنبي لأحبائه الذين حال السفر أو الموت بينهم، وعن حنينه للأمان والانتماء في أيام العيد.
4. قصيدة لا تشتري العبد إلا والعصا معه
فيها يظهر سخط المتنبي وسخريته من غدر الناس وتقلباتهم:
لا تَشتَري العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ
إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ
وقد قالها هجاءً في كافور الإخشيدي بعد أن خاب أمله فيه، لتصبح هذه الأبيات من أشهر ما قيل في الهجاء السياسي الحاد.
5. قصيدة إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
من أشهر أبياته في الحكمة:
إذا أنتَ أكرمتَ الكريمَ ملكتهُ
وإن أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمرّدا
بيت يُضرب به المثل حتى اليوم، يُلخص تجاربه في التعامل مع الناس، ويعكس نظرته العميقة في فهم النفس البشرية.
الموضوعات التي تناولها المتنبي
امتاز شعر المتنبي بغناه وتنوعه، فقد تناول موضوعات عديدة منها:
الفخر والاعتزاز بالنفس
الحكمة والتأمل في الحياة
المدح، خصوصًا لسيف الدولة الحمداني
الهجاء، كما في هجائه لكافور
الوصف، سواء في الطبيعة أو المعارك
الرثاء، وفيه أظهر مشاعره بشكل مؤلم وصادق
لماذا يُعَدّ المتنبي أعظم شاعر عربي؟
لغته قوية وفريدة.
معانيه عميقة، وتحمل فلسفة وتجربة.
مزج بين الذاتية والواقع السياسي بشكل ذكي.
أبياته خالدة وتصلح لكل زمان.
كان شاعرًا “صانعًا للهوية”، لا مجرد ناقلٍ للمشاعر.
قصائد المتنبي هي سجلٌّ خالد للعقل العربي، تحمل كبرياء الشاعر، وحكمة الفيلسوف، وألم الإنسان. لا تزال أبياته تلامس القلوب وتوقظ الفكر، لأنها لم تأتِ من فراغ، بل خرجت من روحٍ اعتصرت التجربة، وشخصية استثنائية كتبت المجد في التاريخ.
وإذا كانت الخلود شعراً، فإن المتنبي حيٌّ في كل بيت يُتداول، وفي كل عقل تأمّل شعره.