ما الفرق بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من الفاتورة الإلكترونية؟

ما الفرق بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من الفاتورة الإلكترونية؟

أطلقت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في المملكة العربية السعودية نظام الفاتورة الإلكترونية كجزء من جهودها لتطوير الأنظمة الضريبية وتحقيق التحول الرقمي الكامل في قطاع الأعمال. ومنذ بدء تطبيق النظام، قُسِّم التنفيذ إلى مرحلتين أساسيتين، هما المرحلة الأولى المعروفة بمرحلة الإصدار والحفظ، والمرحلة الثانية المعروفة بمرحلة التكامل والربط مع أنظمة الهيئة.

لكل مرحلة خصائصها ومتطلباتها التقنية والإجرائية التي يجب على المنشآت الالتزام بها. وفي هذا المقال سنتناول بالتفصيل الفروق الجوهرية بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من الفاتورة الإلكترونية، مع شرح أهداف كل مرحلة، ومتطلبات التطبيق، والفوائد التي تحققها للمنشآت والاقتصاد الوطني.

ما الفرق بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من الفاتورة الإلكترونية؟
ما الفرق بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من الفاتورة الإلكترونية؟

أولًا: مفهوم الفاتورة الإلكترونية وأهميتها

الفاتورة الإلكترونية هي مستند رقمي يتم إصداره واستلامه بصيغة إلكترونية عبر نظام تقني معتمد من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك. وهي تختلف عن الفاتورة الورقية أو التقليدية بأنها تُنشأ وتُرسل وتُخزن إلكترونيًا بالكامل دون تدخل يدوي.

تهدف الفواتير الإلكترونية إلى تحقيق الشفافية في التعاملات التجارية، وتقليل التلاعب الضريبي، وضمان توثيق دقيق لحركة المبيعات والمشتريات. كما تسهل على المنشآت إعداد تقارير ضريبة القيمة المضافة بشكل فوري ودقيق، إذ تُرسل بيانات الفواتير مباشرة إلى الهيئة لمطابقتها مع الإقرارات الضريبية.

من هنا، جاءت فكرة تنفيذ النظام على مرحلتين حتى يتاح للمنشآت التأقلم التدريجي مع متطلبات الفوترة الإلكترونية من الناحية التقنية والإدارية.

ثانيًا: نظرة عامة على مراحل تطبيق الفاتورة الإلكترونية في السعودية

بدأ تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية رسميًا في 4 ديسمبر 2021 عبر مرحلته الأولى، بينما انطلقت المرحلة الثانية بشكل تدريجي اعتبارًا من يناير 2023، وفق جدول زمني يُطبق على مجموعات محددة من المكلفين حسب حجم الإيرادات.

يُعد هذا التقسيم إلى مرحلتين خطوة استراتيجية لتسهيل التحول الرقمي وضمان الالتزام الكامل من قبل جميع المنشآت، سواء الكبيرة منها أو الصغيرة.

ثالثًا: تعريف المرحلة الأولى (مرحلة الإصدار والحفظ)

المرحلة الأولى تُعرف باسم “مرحلة الإصدار والحفظ” (Generation Phase). وهي المرحلة التي تُلزم جميع المكلفين المسجلين في ضريبة القيمة المضافة بإصدار فواتيرهم وإشعاراتهم إلكترونيًا من خلال نظام إلكتروني متوافق مع متطلبات الهيئة.

تم تنفيذ هذه المرحلة في الرابع من ديسمبر 2021، وشملت جميع المكلفين دون استثناء، بهدف إلغاء استخدام الفواتير الورقية أو اليدوية تمامًا.

متطلبات المرحلة الأولى:

إصدار الفواتير الإلكترونية من خلال نظام أو برنامج محاسبي قادر على إنشاء الفواتير بصيغة إلكترونية.

تضمين جميع الحقول الإلزامية في الفاتورة مثل اسم المورد، الرقم الضريبي، رقم الفاتورة، التاريخ، قيمة الضريبة، المجموع الإجمالي، ونسبة ضريبة القيمة المضافة.

احتواء الفاتورة على رمز الاستجابة السريعة (QR Code) للفواتير المبسطة.

حفظ جميع الفواتير الصادرة والواردة بشكل إلكتروني في نظام آمن يمكن الرجوع إليه عند الطلب.

عدم السماح بأي تعديل بعد إصدار الفاتورة، وإنما إصدار إشعار دائن أو مدين عند الحاجة لتعديل البيانات.

الهدف من المرحلة الأولى:

توحيد شكل الفواتير داخل المملكة.

الحد من التلاعب في البيانات المالية.

تمكين المنشآت من إدارة فواتيرها إلكترونيًا بطريقة منظمة وآمنة.

تحسين دقة إعداد تقارير ضريبة القيمة المضافة.

طبيعة العمل في المرحلة الأولى:

في هذه المرحلة، لا يتم ربط النظام المستخدم في المنشأة مباشرة مع نظام الهيئة، وإنما يُكتفى بإصدار الفاتورة إلكترونيًا وتخزينها في النظام المحلي. وتُرسل بيانات الفواتير لاحقًا بشكل يدوي أو عند إعداد الإقرار الضريبي.

رابعًا: تعريف المرحلة الثانية (مرحلة التكامل والربط)

المرحلة الثانية تُعرف باسم “مرحلة التكامل والربط” (Integration Phase).
في هذه المرحلة، لم يكتفِ النظام بإصدار الفواتير إلكترونيًا، بل ألزم المكلفين بربط أنظمتهم المحاسبية بنظام الهيئة الإلكتروني عبر واجهات برمجية (API)، بحيث تُرسل الفواتير مباشرة إلى الهيئة فور إصدارها.

بدأ تنفيذ هذه المرحلة بشكل تدريجي في يناير 2023، واستهدفت في البداية المنشآت التي تجاوزت إيراداتها السنوية 3 مليارات ريال، ثم توسعت لاحقًا لتشمل مجموعات أخرى من المكلفين وفق مراحل فرعية متتابعة.

متطلبات المرحلة الثانية:

استخدام نظام فوترة إلكتروني متكامل ومطابق لمتطلبات الهيئة الفنية (FATOORA Technical Specifications).

الربط التقني مع منصة الهيئة من خلال واجهة برمجية (API) لضمان إرسال الفواتير لحظيًا.

توقيع كل فاتورة إلكترونيًا باستخدام شهادة رقمية صادرة من مقدم خدمة معتمد.

إنشاء رقم UUID فريد لكل فاتورة.

استخدام رموز UUID وإرفاق التوقيع الرقمي ورمز الاستجابة السريعة المتقدم (QR Code).

عدم إصدار أو تعديل أي فاتورة إلا عبر النظام المربوط والمصرح به من الهيئة.

الهدف من المرحلة الثانية:

تمكين الهيئة من استلام بيانات الفواتير في الوقت الفعلي.

تعزيز الشفافية الكاملة في التعاملات التجارية.

تقليل حالات التهرب الضريبي.

أتمتة عمليات المراجعة الضريبية ومطابقة الفواتير بين البائع والمشتري.

تسهيل الإجراءات الضريبية على المكلفين وتحسين سرعة إعداد الإقرارات.

طبيعة العمل في المرحلة الثانية:

في هذه المرحلة، يتم إصدار الفاتورة إلكترونيًا، وتُرسل مباشرة إلى الهيئة عبر التكامل البرمجي.
وبعد التحقق من صحة البيانات وتوقيعها رقمياً، يتم اعتماد الفاتورة وتخزينها في النظامين (نظام المكلف والهيئة).
وبهذا يصبح النظام متكاملًا ومراقبًا بشكل لحظي.

خامسًا: الفروق الجوهرية بين المرحلة الأولى والثانية من الفاتورة الإلكترونية

من المهم فهم الفروقات بدقة لأن الالتزام بالمتطلبات الخاصة بكل مرحلة يحدد مدى توافق المنشأة مع لوائح الهيئة.
فيما يلي مقارنة تفصيلية بين المرحلتين:

العنصر                               المرحلة الأولى (الإصدار والحفظ)                                     المرحلة الثانية (الربط والتكامل)

تاريخ التطبيق                           4 ديسمبر 2021                                                من يناير 2023 تدريجيًا
المكلفون المستهدفون     جميع المسجلين في ضريبة القيمة المضافة               مجموعات محددة حسب حجم الإيرادات
طريقة الإصدار                    إنشاء الفواتير إلكترونيًا عبر أي نظام متوافق        إصدار الفواتير عبر نظام متكامل مرتبط بالهيئة
الربط مع الهيئة                        لا يوجد ربط مباشر                                        ربط فوري عبر واجهة برمجية (API)
التحقق من الفواتير                     يتم داخليًا فقط                                         يتم التحقق منها من قبل الهيئة آليًا
التوقيع الرقمي                          غير إلزامي                                          إلزامي باستخدام شهادة رقمية معتمدة
رمز الاستجابة السريعة            بسيط يحتوي على بيانات محدودة             متقدم يحتوي على بيانات التوقيع ورقم UUID
إرسال الفواتير                                يتم حفظها محليًا فقط                           تُرسل تلقائيًا إلى الهيئة عند الإصدار
مستوى الأتمتة                                        متوسط                                                     كامل
الهدف الأساسي                      تنظيم عملية الإصدار الإلكتروني                         تحقيق التكامل والشفافية الكاملة

سادسًا: كيف تستعد المنشآت للانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية؟

الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية لا يحدث تلقائيًا، بل يتطلب استعدادًا فنيًا وتنظيميًا من جانب المنشآت.
فيما يلي أهم الخطوات التي يجب اتباعها:

مراجعة النظام الحالي: التأكد من أن نظام الفوترة الإلكتروني المستخدم متوافق مع المواصفات التقنية الجديدة التي حددتها الهيئة.

التعاقد مع مزود خدمة معتمد: يجب اختيار مزود خدمة فواتير إلكترونية معتمد من الهيئة لضمان التكامل الصحيح.

الحصول على شهادة رقمية: وهي ضرورية لتوقيع الفواتير إلكترونيًا وتأكيد موثوقيتها.

تدريب الموظفين: خاصة فرق المحاسبة والتقنية على كيفية إصدار الفواتير وإرسالها آليًا.

اختبار التكامل: تجربة إرسال الفواتير عبر بيئة الاختبار التي توفرها الهيئة قبل الانتقال الفعلي.

الالتزام بالمواعيد المقررة: تتابع الهيئة مراحل الربط بإشعارات رسمية، ويجب الالتزام بتاريخ البدء المخصص لكل مجموعة.

سابعًا: الفوائد التي تحققها كل مرحلة

فوائد المرحلة الأولى:

القضاء على الفواتير الورقية واليدوية.

تحسين دقة البيانات المالية.

تسهيل عمليات الأرشفة الإلكترونية.

الحد من الأخطاء البشرية في الفواتير.

تمهيد الطريق للتحول الرقمي الكامل.

فوائد المرحلة الثانية:

تحقيق الربط الفوري مع الهيئة.

مراقبة فورية للمعاملات التجارية.

تعزيز الشفافية والامتثال الضريبي.

توفير وقت وجهد في إعداد التقارير الضريبية.

دعم الاقتصاد الرقمي وتقليل الفجوة بين المنشآت الصغيرة والكبيرة.

ثامنًا: التحديات التي تواجه المنشآت في المرحلتين

في المرحلة الأولى:

صعوبة التحول من النظام الورقي إلى الإلكتروني في البداية.

الحاجة لتدريب الموظفين على النظام الجديد.

مشاكل تقنية في البرامج القديمة غير المتوافقة.

في المرحلة الثانية:

ارتفاع تكلفة التحديثات التقنية والربط مع الهيئة.

تعقيد عملية التوقيع الرقمي والإدارة التقنية للشهادات.

ضرورة الحفاظ على أمان البيانات ضد الاختراق أو الفقد.

الحاجة إلى مراقبة مستمرة لضمان عمل التكامل بشكل صحيح.

رغم هذه التحديات، إلا أن الفوائد طويلة المدى تجعل النظام أكثر كفاءة وعدالة وشفافية.

تاسعًا: دور الهيئة في تسهيل الانتقال بين المرحلتين

هيئة الزكاة والضريبة والجمارك لم تترك المكلفين يواجهون الانتقال وحدهم، بل وفرت مجموعة من الأدلة الإرشادية والمواصفات التقنية المفصلة.
كما أطلقت بيئة اختبارية sandbox لتجربة الربط، وفتحت قنوات تواصل مباشرة مع مزودي الخدمات التقنية.

وتُصدر الهيئة إشعارات رسمية للمكلفين قبل بدء موعد تطبيق المرحلة الثانية، تتضمن الإرشادات الفنية والمواعيد المحددة للربط، مما يمنح المنشآت الوقت الكافي للتجهيز.

عاشرًا: الأثر الاقتصادي والرقمي لتطبيق المرحلتين

تطبيق الفاتورة الإلكترونية بمراحلها المختلفة لا يخدم فقط الجانب الضريبي، بل يمتد أثره إلى الاقتصاد الوطني ككل.
فمن خلال النظام الرقمي للفواتير، أصبحت الهيئة قادرة على تحليل البيانات الاقتصادية بدقة، ومكافحة التستر التجاري، وتحسين بيئة الأعمال.

كما أدى النظام إلى رفع كفاءة التحصيل الضريبي وتقليل الفاقد المالي، مع تمكين المنشآت من متابعة تعاملاتها لحظيًا وإعداد تقارير مالية دقيقة تساعدها على اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة.

حادي عشر: أمثلة تطبيقية توضح الفرق بين المرحلتين

مثال (10): إصدار فاتورة في المرحلة الأولى

شركة متوسطة تُصدر فاتورة بيع بقيمة 10,000 ريال شاملة ضريبة 15%.
في المرحلة الأولى، تُنشأ الفاتورة عبر نظام محاسبي محلي، وتُرسل نسخة للعميل عبر البريد الإلكتروني.
الفاتورة تُخزن داخل النظام فقط دون إرسال بياناتها إلى الهيئة مباشرة.

مثال (2): إصدار فاتورة في المرحلة الثانية

نفس الشركة بعد الربط في المرحلة الثانية تُصدر الفاتورة إلكترونيًا، لكن النظام يرسلها لحظيًا إلى الهيئة عبر واجهة API.
تتحقق الهيئة من صحتها وتُخزن نسخة منها لديها وتُرجع إشعار القبول إلى النظام خلال ثوانٍ.
الفاتورة تكون موقعة رقمياً وتحمل رمز UUID فريد، مما يضمن موثوقيتها وعدم إمكانية التلاعب بها.

ثاني عش: مستقبل الفاتورة الإلكترونية بعد المرحلتين

من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من التطوير في نظام الفواتير الإلكترونية، حيث ستعمل الهيئة على توسيع نطاق التكامل ليشمل خدمات إضافية مثل الإشعارات التلقائية، وتحليل البيانات في الوقت الفعلي، وربط الأنظمة المحاسبية مع الجهات الحكومية الأخرى.

كما ستُطبق تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل أنماط الفواتير لاكتشاف المخالفات مبكرًا، مما يعزز من كفاءة النظام المالي والرقابي في المملكة.

باختصار، يمكن القول إن المرحلة الأولى من الفاتورة الإلكترونية كانت خطوة تأسيسية هدفت إلى نشر ثقافة الفوترة الرقمية وتنظيم عملية الإصدار الإلكتروني، بينما جاءت المرحلة الثانية لتُحدث التحول الحقيقي نحو التكامل الذكي بين الأنظمة المحاسبية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك.

الفرق الجوهري بين المرحلتين هو أن الأولى ركزت على الإصدار والحفظ الداخلي، في حين أن الثانية ركزت على الربط الفوري والمراقبة الشفافة.
وبينما كانت المرحلة الأولى بمثابة تدريب عملي للمنشآت على استخدام التقنية، فإن المرحلة الثانية تمثل الدخول الفعلي لعصر التحول الرقمي الكامل في المجال الضريبي.

إن نجاح المنشآت في الانتقال السلس بين المرحلتين لا يضمن فقط الامتثال للوائح، بل يساهم أيضًا في تطوير أعمالها، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز ثقة العملاء والموردين على حد سواء.
ومع استمرار التوسع في تطبيق الفاتورة الإلكترونية، تتجه المملكة بخطى ثابتة نحو اقتصاد رقمي متكامل يعتمد على الشفافية والابتكار والتقنية الحديثة.

error: Content is protected !!
Scroll to Top