من هو ذو النون
من هو ذو النون؟ قصة نبي الله يونس عليه السلام
من هو ذو النون ولماذا لُقّب بهذا الاسم؟
ذو النون هو لقب نبي الله يونس بن متى عليه السلام، أحد أنبياء الله الذين ذُكروا في القرآن الكريم. وقد لُقّب بـ”ذو النون” لأن “النون” تعني الحوت، ولأنه ابتُلِع من قِبَل حوت عظيم بأمر من الله سبحانه وتعالى. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى:
“وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
(سورة الأنبياء، الآية 87)
نسب نبي الله يونس عليه السلام
هو يونس بن متى، وقد اختلف العلماء في اسم “متى”؛ فمنهم من قال إنه اسم والدته، ومنهم من قال إنه اسم والده. وقد ورد في بعض الروايات أن “متى” هو اسم والدته، وهو من الأنبياء الذين نُسبوا إلى أمهاتهم، كما في قوله تعالى عن عيسى عليه السلام:
“وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ”
(سورة مريم، الآية 16)
وقد بعثه الله إلى أهل نينوى، وهي مدينة تقع في العراق، وكانت عاصمة للإمبراطورية الآشورية في ذلك الوقت.
دعوة يونس عليه السلام لقومه
بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل نينوى ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام. وقد استمر في دعوتهم لسنوات طويلة، لكنهم كذبوه ولم يؤمنوا به. فلما طال عليه الأمر، خرج من بينهم مغاضبًا دون أن يأذن له الله بذلك.
قصة يونس عليه السلام مع الحوت
بعد أن غادر قومه، ركب يونس عليه السلام سفينة، فلما كانت في عرض البحر، هاجت الأمواج، وخشي الركاب من الغرق. فأجروا قرعة لتحديد من يُلقى في البحر لتخفيف الحمولة، فوقعت القرعة على يونس عليه السلام. فأُلقي في البحر، فابتلعه حوت عظيم بأمر من الله.
في بطن الحوت، أدرك يونس عليه السلام خطأه، فتاب إلى الله ودعاه بالدعاء المشهور:
“لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
(سورة الأنبياء، الآية 87)
فاستجاب الله له، وأمر الحوت أن يقذفه إلى اليابسة، فخرج يونس عليه السلام وهو سليم، وعاد إلى قومه بعد أن آمنوا وتابوا إلى الله.
الدروس والعبر من قصة يونس عليه السلام
الصبر في الدعوة: يُعلّمنا يونس عليه السلام أهمية الصبر في دعوة الناس إلى الحق، وعدم اليأس من هدايتهم.
التوبة والرجوع إلى الله: حتى الأنبياء قد يخطئون، لكنهم يسارعون إلى التوبة والرجوع إلى الله، كما فعل يونس عليه السلام.
فضل الدعاء: دعاء يونس عليه السلام في بطن الحوت يُعد من الأدعية المستجابة، وقد أوصى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالدعاء به في الشدائد.
هل كان يونس عليه السلام نبيًا قبل ابتلاع الحوت؟
نعم، كان يونس عليه السلام نبيًا مرسلًا قبل أن يبتلعه الحوت. وقد أرسله الله إلى قومه، لكنهم كذبوه، فغادرهم دون إذن من الله، فكانت تجربة الحوت تذكيرًا له بوجوب الصبر والامتثال لأمر الله.
ما هو دعاء ذي النون؟ ولماذا يُستحب قوله؟
دعاء ذي النون هو:
“لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
وقد ورد في الحديث الشريف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال:
“دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”
(رواه الترمذي)
لذلك يُستحب للمسلم أن يدعو بهذا الدعاء في أوقات الشدة والضيق.
هل ذُكر يونس عليه السلام في كتب الديانات الأخرى؟
نعم، يُعرف يونس عليه السلام في الديانة اليهودية باسم “يونان”، وفي الديانة المسيحية باسم “يونان” أيضًا. وقد وردت قصته في العهد القديم، وتُعتبر من القصص المعروفة في الديانات الإبراهيمية.
كم لبث يونس عليه السلام في بطن الحوت؟
اختلف العلماء في مدة لبث يونس عليه السلام في بطن الحوت، لكن لا يوجد نص قطعي يُحدد المدة بدقة.
يُقال في بعض التفسيرات أنه لبث ثلاثة أيام، ويُقال سبعة أيام، بينما تُرجّح بعض الروايات أنه مكث أربعين ليلة.
ولكن المؤكد هو أن الله أنجاه بعد أن دعا وتضرع إليه وندم على ما بدر منه.
ماذا حدث بعد خروج يونس عليه السلام من بطن الحوت؟
بعد أن قذف الحوت يونس عليه السلام على اليابسة، كان جسمه ضعيفًا ومريضًا، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين (وهو القرع) ليظلّه ويمنحه القوّة والغذاء.
قال الله تعالى:
“فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ، وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ”
(الصافات: 145–146)
ثم أمره الله بالعودة إلى قومه الذين آمنوا بعد أن رأوا علامات العذاب، فتابوا إلى الله، فقبل توبتهم، وأرسل إليهم يونس من جديد.
هل آمن قوم يونس عليه السلام؟
نعم، آمن قوم يونس عليه السلام بعد أن غادرهم، عندما رأوا علامات العذاب تقترب، مثل غيوم سوداء وأصوات غريبة، فخافوا وصدقوا ما جاءهم به يونس، فتابوا إلى الله ودعوه أن يرفع عنهم العذاب.
وقد بيّن الله في كتابه الكريم:
“فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا…”
(يونس: 98)
وهذا يدل على تفرد قوم يونس بأنهم آمنوا جميعًا دفعة واحدة بعد أن أنذرهم النبي، فرفع الله عنهم العذاب.
أين تقع مدينة نينوى التي بُعث إليها يونس عليه السلام؟
مدينة نينوى التي بُعث إليها نبي الله يونس عليه السلام تقع في العراق، وتحديدًا في محافظة نينوى الحديثة شمال العراق، قرب مدينة الموصل.
كانت نينوى آنذاك واحدة من أكبر مدن العالم القديم، وكانت عاصمة الدولة الآشورية. وبلغ عدد سكانها ما يقارب مائة ألف نسمة أو يزيدون، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم:
“وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ”
(الصافات: 147)
هل يونس عليه السلام من أولي العزم من الرسل؟
لا، يونس عليه السلام ليس من أولي العزم من الرسل، وهم:
نوح عليه السلام
إبراهيم عليه السلام
موسى عليه السلام
عيسى عليه السلام
محمد صلى الله عليه وسلم
لكن يونس عليه السلام من الأنبياء الكرام الذين اصطفاهم الله وفضّلهم على العالمين، وخصّه بقصة عظيمة وعبرة باقية.
قال الله تعالى:
“وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ”
(الصافات: 139)
لماذا ذُكر اسم يونس في القرآن؟
ذُكر اسم يونس عليه السلام في عدة مواضع من القرآن الكريم، وذلك:
تكريمًا له كنبي مرسل.
لبيان العبرة من قصته التي تحمل دروسًا في التوبة والدعاء والصبر.
لتثبيت قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكل نبي مرّ بابتلاءات وصعوبات.
وقد ذكر اسمه بشكل مباشر في 4 مواضع، وأشير إليه بلقب “ذو النون” و”صاحب الحوت” في مواضع أخرى.
لماذا سُمي بسورة يونس؟
سورة يونس سُميت بهذا الاسم لأنها تضمنت ذكر قصة يونس عليه السلام، وخاصة الآية التي تحدثت عن إيمان قومه ورفع العذاب عنهم، وهو أمر لم يحدث مع أي أمة أخرى في القرآن الكريم.
قال تعالى:
“فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ…”
(يونس: 98)
لماذا يُعد دعاء يونس من الأدعية المستجابة؟
دعاء يونس عليه السلام: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين” يُعتبر من الأدعية القصيرة العظيمة الأثر.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“ما دعا بها مكروب إلا فرّج الله كربه”
(رواه الحاكم وصححه الألباني)
لذلك يُستحب ترديده في:
أوقات الشدة
أوقات التوبة
السجود والدعاء
ليالي القدر
ما الفرق بين قصة يونس وقصص باقي الأنبياء؟
قصة يونس عليه السلام فريدة من نوعها من عدة جوانب:
الجانب قصة يونس باقي الأنبياء
طريقة الابتلاء ابتلعته دابة (الحوت) سُجن، كُذّب، أو عُذب من قومه
استجابة قومه آمنوا جميعًا معظم الأقوام كذّبوا الأنبياء
سرعة النجاة نجاه الله سريعًا بعد الدعاء بعض الأنبياء طال عليهم الابتلاء
شهرة الدعاء له دعاء محفوظ يتكرر دائمًا ليست كل القصص مرتبطة بدعاء واحد
ما الذي نتعلمه من سيرة ذو النون؟
قصة يونس عليه السلام، أو ذو النون، تحمل لنا الكثير من الدروس الملهمة:
لا تظن أن الله غافل عنك مهما بلغت بك الشدة.
الدعاء قد يغير قدرك.
الاستغفار والرجوع إلى الله مفتاح النجاة.
التواضع والاعتراف بالخطأ من صفات الصالحين.
ذو النون ليس مجرد اسم، بل هو رمز للتوبة، والدعاء، والنجاة.