كيف أتعامل مع الفواتير الإلكترونية في حالة إرجاع البضاعة؟
منذ تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية من قبل الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك، أصبح التعامل مع العمليات التجارية أكثر دقة وشفافية، خاصة فيما يتعلق بإدارة الفواتير والضرائب. ومع ذلك، فإن بعض الحالات التجارية لا تخلو من مواقف مثل إرجاع البضاعة كليًا أو جزئيًا بعد إصدار الفاتورة، وهنا تظهر تساؤلات كثيرة بين التجار والمحاسبين حول كيفية التعامل الصحيح مع الفواتير الإلكترونية في هذه الحالات، خصوصًا من الناحية النظامية والضريبية.
في هذا المقال سنتناول بشكل تفصيلي كيف يتم التعامل مع الفواتير الإلكترونية عند إرجاع البضاعة، وما هي الخطوات النظامية لإصدار إشعارات الدائن والمدين، وكيف يمكن ضمان الامتثال الكامل لمتطلبات الهيئة دون التعرض للمخالفات أو الأخطاء المحاسبية.

ما المقصود بإرجاع البضاعة؟
إرجاع البضاعة يعني أن العميل يعيد إلى المورد جزءًا من السلع أو كلها بعد إتمام عملية البيع وإصدار الفاتورة. قد يحدث الإرجاع لأسباب متعددة، مثل:
وجود عيوب في المنتج أو عدم مطابقته للمواصفات.
تسليم كمية خاطئة أو منتجات غير مطلوبة.
تراجع العميل عن عملية الشراء ضمن فترة السماح المحددة.
وجود اتفاق مسبق على إمكانية الإرجاع في حالات معينة.
وبما أن الفاتورة الإلكترونية تُعد مستندًا رسميًا وموثقًا من الهيئة، لا يمكن ببساطة تعديلها أو حذفها بعد إصدارها، لذلك لا بد من إصدار مستند جديد يُصحح أو يعدل الأثر المالي الناتج عن عملية الإرجاع، وهو ما يُعرف باسم إشعار دائن أو إشعار مدين.
ما الفرق بين إشعار الدائن وإشعار المدين؟
لفهم كيفية التعامل مع الإرجاع، من الضروري معرفة الفرق بين نوعي الإشعارات المرتبطة بالفواتير الإلكترونية:
إشعار الدائن (Credit Note):
يصدر عندما يقوم المورد برد جزء من المبلغ للعميل نتيجة إرجاع البضاعة كليًا أو جزئيًا. أي أنه يُستخدم لتقليل المبلغ المستحق في الفاتورة الأصلية.
إشعار المدين (Debit Note):
يُصدر في حالة العكس، أي عندما يكون هناك تعديل يؤدي إلى زيادة المبلغ المستحق على العميل، مثل إضافة رسوم إضافية أو تصحيح سعر أقل تم احتسابه خطأً في الفاتورة الأصلية.
في حالة إرجاع البضاعة، الإجراء الصحيح هو إصدار إشعار دائن إلكتروني مرتبط بالفاتورة الأصلية.
ما هو إشعار الدائن الإلكتروني في نظام الفاتورة الإلكترونية؟
إشعار الدائن الإلكتروني هو مستند يصدر إلكترونيًا عبر نظام الفوترة الإلكتروني، ويُستخدم لتعديل أو تصحيح بيانات فاتورة إلكترونية سابقة. يحتوي الإشعار على تفاصيل توضح سبب الإصدار (مثل إرجاع بضاعة أو تصحيح خطأ في الكمية أو السعر)، ويرتبط مباشرة برقم الفاتورة الأصلية الصادرة سابقًا.
هذا الإشعار يُرسل آليًا إلى الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك بنفس طريقة إرسال الفواتير الإلكترونية، ويُعامل بنفس القوة القانونية، أي أنه لا يمكن تعديله أو حذفه بعد إصداره.
خطوات التعامل مع الفواتير الإلكترونية في حالة إرجاع البضاعة
عند حدوث عملية إرجاع بضاعة بعد إصدار الفاتورة الإلكترونية، يجب على المورد اتباع مجموعة من الخطوات النظامية لضمان صحة الإجراءات المالية والضريبية. وفيما يلي الخطوات بالتفصيل:
1. توثيق عملية الإرجاع
قبل أي إجراء إلكتروني، يجب توثيق عملية الإرجاع من خلال:
استلام البضاعة المرتجعة فعليًا من العميل.
التأكد من حالتها ومطابقتها لما تم بيعه.
إعداد مستند استلام داخلي أو إشعار استلام بضاعة مرتجعة.
الحصول على موافقة الإدارة المالية أو المحاسبة على العملية.
هذا التوثيق ضروري لإثبات صحة عملية الإرجاع عند المراجعة من قبل الهيئة.
2. تحديد نوع الإشعار المطلوب
في معظم الحالات، سيكون المطلوب إصدار إشعار دائن إلكتروني، لأنه يقلل من قيمة الفاتورة الأصلية. أما إذا كان الإرجاع يتضمن تعديلًا ماليًا آخر (مثل فروق خصومات أو تسويات)، فقد يتطلب الأمر إشعارًا مدينًا.
3. إصدار إشعار دائن إلكتروني عبر النظام
بعد تحديد نوع الإشعار، يتم الدخول إلى نظام الفوترة الإلكتروني المعتمد (سواء كان برنامج محاسبة أو نظام ERP أو منصة سحابية)، ومن ثم:
اختيار “إصدار إشعار دائن إلكتروني”.
تحديد رقم الفاتورة الأصلية المرتبطة بعملية الإرجاع.
إدخال تفاصيل البضاعة المرتجعة (الكمية، السعر، المجموع).
تحديد سبب الإشعار: “إرجاع بضاعة”.
التأكد من احتساب ضريبة القيمة المضافة بشكل صحيح بعد التعديل.
حفظ الإشعار وإصداره إلكترونيًا.
4. إرسال الإشعار إلكترونيًا إلى الهيئة
كل إشعار دائن إلكتروني يجب أن يُرسل إلى الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك بطريقة آلية (عبر التكامل مع منصة الفوترة).
النظام يقوم بتوليد رمز فريد للإشعار ويُرسل نسخة إلى الهيئة للتحقق منها وحفظها في سجلاتها الرسمية.
5. تسليم نسخة من الإشعار للعميل
بعد إصدار الإشعار، يجب إرسال نسخة إلكترونية منه إلى العميل بنفس طريقة إرسال الفواتير (سواء بالبريد الإلكتروني أو عبر النظام المتكامل).
هذا يضمن الشفافية ويُثبت تعديل المبلغ المستحق بشكل رسمي.
6. تعديل الحسابات المحاسبية والضريبية
من المهم أن تُسجل العملية في السجلات المحاسبية بالشكل الصحيح، بحيث:
تُخصم قيمة البضاعة المرتجعة من المبيعات.
تُعدل الضريبة المستحقة على الهيئة (قيمة ضريبة المخرجات).
يُعاد احتساب المجموع النهائي للإقرار الضريبي في الفترة الحالية.
الجانب الضريبي لإشعارات الإرجاع
عند إصدار إشعار دائن بسبب إرجاع البضاعة، يجب أن ينعكس هذا التعديل على الإقرار الضريبي لضريبة القيمة المضافة. أي أن الضريبة التي تم تحصيلها على الفاتورة الأصلية يجب تقليلها بنفس النسبة المقابلة للإرجاع.
مثلاً:
إذا كانت الفاتورة الأصلية تشمل مبيعات بقيمة 10,000 ريال وضريبة 15% (1,500 ريال)، وتم إرجاع نصف البضاعة، فإن إشعار الدائن سيُخفض المبيعات بمقدار 5,000 ريال وضريبة 750 ريال.
وهكذا تُعدّل ضريبة المخرجات في الإقرار الضريبي القادم وفقًا لذلك.
ما البيانات الإلزامية التي يجب أن يحتويها إشعار الدائن الإلكتروني؟
الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك حددت مجموعة من البيانات الإلزامية التي يجب أن تتوافر في أي إشعار دائن إلكتروني، وهي:
عنوان المستند (إشعار دائن).
رقم الإشعار وتاريخه.
رقم الفاتورة الأصلية المرتبطة بالإشعار.
بيانات المورد (الاسم، العنوان، الرقم الضريبي).
بيانات العميل (الاسم، الرقم الضريبي إن وُجد).
وصف البضاعة المرتجعة وكميتها.
القيمة قبل الضريبة.
نسبة الضريبة وقيمتها.
القيمة الإجمالية بعد التعديل.
سبب إصدار الإشعار (مثل: إرجاع بضاعة).
رمز الاستجابة السريعة (QR Code).
التوقيع الرقمي للنظام.
أخطاء شائعة يجب تجنبها عند التعامل مع الإرجاع
إلغاء الفاتورة الأصلية يدويًا بدلاً من إصدار إشعار دائن.
هذا الإجراء مخالف لنظام الفاتورة الإلكترونية، لأن الفاتورة لا يمكن حذفها بعد إصدارها.
عدم ربط الإشعار بالفاتورة الأصلية.
يجب أن يكون الإشعار مرتبطًا برقم الفاتورة الأصلية لتوضيح العلاقة بين المستندين.
إصدار إشعار ورقي أو يدوي.
الهيئة لا تعترف بأي إشعار غير إلكتروني أو غير مُرسل عبر المنصة.
إغفال تعديل الإقرار الضريبي.
عدم خصم ضريبة الإرجاع يؤدي إلى خلل في احتساب ضريبة المخرجات ويُعرض المنشأة للمساءلة.
كيف يمكن إصدار إشعار دائن إلكتروني عمليًا؟
إصدار الإشعار يعتمد على نوع النظام المستخدم في المنشأة. فيما يلي نموذج عملي عام:
الدخول على النظام المعتمد للفوترة.
اختيار “الإشعارات” من القائمة.
الضغط على “إصدار إشعار دائن”.
تحديد الفاتورة الأصلية.
اختيار سبب الإصدار “إرجاع بضاعة”.
إدخال تفاصيل الأصناف المرتجعة.
مراجعة القيم المالية والضريبية.
إصدار الإشعار وإرساله إلكترونيًا.
بعض الأنظمة تقوم بعملية الربط التلقائي مع منصة الهيئة وترسل الإشعار مباشرة دون تدخل يدوي.
هل يمكن إصدار إشعار دائن جزئي؟
نعم، يمكن إصدار إشعار دائن جزئي في حال تم إرجاع جزء من البضاعة فقط.
في هذه الحالة، يُدرج في الإشعار فقط الأصناف أو الكميات التي تم إرجاعها، ويتم تعديل القيمة الإجمالية وضريبة القيمة المضافة بما يتناسب مع الكمية المرتجعة.
ما هي المدة النظامية لإصدار إشعار الدائن بعد الإرجاع؟
لم تحدد الهيئة مدة زمنية محددة بدقة، ولكن يُشترط أن يصدر الإشعار فور حدوث عملية الإرجاع أو في أقرب فترة محاسبية ممكنة لضمان دقة التقارير الضريبية. التأخير في الإصدار قد يؤدي إلى اختلاف في الأرصدة أو أخطاء في الإقرارات الضريبية.
تأثير الإشعارات على التقارير المالية
عند إصدار إشعار دائن، يُخفض من قيمة المبيعات في التقارير المالية ويؤثر على إجمالي الأرباح للفترة المالية.
أما في حال كان الإرجاع كبيرًا، فقد يُظهر أثرًا واضحًا في القوائم المالية، لذلك من المهم توثيق الأسباب والمبررات المحاسبية بدقة.
فوائد الالتزام بالإجراءات النظامية في الإرجاع
تجنب الغرامات والعقوبات من الهيئة.
تحسين الثقة مع العملاء عبر شفافية التعامل.
تسهيل عمليات المراجعة الداخلية والضريبية.
الحفاظ على السجلات الإلكترونية بطريقة منظمة.
دقة احتساب ضريبة القيمة المضافة والإقرارات.
ما الذي يحدث لو لم يتم إصدار إشعار دائن عند الإرجاع؟
عدم إصدار إشعار دائن عند إرجاع البضاعة يعني أن الفاتورة الأصلية تظل قائمة كما هي، ما يعني أن المورد سيستمر في تحمل ضريبة القيمة المضافة على بيع لم يكتمل فعليًا، وهو ما يُعد مخالفة نظامية.
كما قد يؤدي ذلك إلى تضخيم المبيعات والأرباح، مما يخلق أخطاء مالية وضريبية.
الفرق بين الإشعار الورقي والإلكتروني
في السابق، كانت الشركات تستخدم إشعارات ورقية لإثبات عمليات الإرجاع أو الخصومات، ولكن بعد تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية، أصبحت الهيئة تشترط أن تكون كل الإشعارات إلكترونية بالكامل، بما في ذلك إشعار الدائن والمدين.
وهذا يضمن:
عدم التلاعب في المستندات.
توثيق العلاقة بين الفاتورة والإشعار إلكترونيًا.
إمكانية تتبع كل عملية تعديل بسهولة.
نصائح لتطبيق فعال عند الإرجاع
تأكد من أن النظام المحاسبي المستخدم متوافق مع متطلبات الهيئة.
لا تُصدر أي إشعار دون وجود مبرر أو وثيقة إرجاع.
راجع الإشعارات قبل الإرسال للتحقق من القيم الضريبية.
احتفظ بسجل كامل للإشعارات الصادرة والمرتبطة بكل فاتورة.
راقب تطابق الأرصدة بين النظام الداخلي وتقارير الهيئة.
التعامل مع الفواتير الإلكترونية في حالة إرجاع البضاعة يحتاج إلى دقة وامتثال كامل للأنظمة التي حددتها الهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك.
الطريقة النظامية الوحيدة لمعالجة الإرجاع هي إصدار إشعار دائن إلكتروني مرتبط بالفاتورة الأصلية، بحيث يعكس التعديل المالي والضريبي الناتج عن الإرجاع.
استخدام الطرق اليدوية أو الإلغاءات المباشرة يُعد مخالفة، لذلك من المهم أن تعتمد المنشآت نظام فوترة إلكتروني معتمد يتيح إصدار الإشعارات بسهولة وربطها بمنصة الهيئة تلقائيًا.
الالتزام بهذه الإجراءات لا يحمي المنشأة من المخالفات فحسب، بل يعزز أيضًا مصداقيتها أمام العملاء والجهات الرسمية، ويساعدها في الحفاظ على تقارير مالية دقيقة تتماشى مع رؤية المملكة في التحول الرقمي الشامل.