تعريف الواجب الشرعي
تعريف الواجب الشرعي: دليل إرشادي شامل لفهم أحد أهم مفاهيم الفقه الإسلامي
يُعدّ “الواجب الشرعي” من المفاهيم الأساسية في الفقه الإسلامي، حيث يُمثل الأفعال التي أمر بها الشارع الحكيم على وجه الإلزام، ويترتب على تركها الإثم والعقوبة. فهم هذا المفهوم بدقة يُساعد المسلمين على أداء عباداتهم ومعاملاتهم بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
ما هو الواجب الشرعي؟
تعريف الواجب الشرعي عند الجمهور
الواجب الشرعي، وفقًا للجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، هو ما طُلِب فعله على سبيل الطلب الجازم، ويُثاب فاعله ويُعاقب تاركه عمدًا. بمعنى آخر، هو الحُكم المُلزِم شرعًا، وأثر هذا الإلزام أنْ يُثاب فاعله، ويستحقّ العقاب من تركه قاصدًا في أيّ وقتٍ من الأوقات.
تعريف الواجب الشرعي في المذهب الحنفي
أما الحنفية، فيُعرفون الواجب بأنه ما ثبت طلبه جازمًا بدليلٍ ظنيّ، سواءً كان ظني الثُبوت أو ظنيّ الدلالة أو كليهما. ويستحقُ العِقاب والذم من تركه عمدًا. فالحنفية يُقسّمون الأمر إلى قسمين: الأول ما ثبت بدليلٍ قطعيّ ويُسمّونه الفرض، والثاني ما ثبت بدليلٍ ظنيّ ويُسمّونه الواجب.
الفرق بين الفرض والواجب
في المذاهب الثلاثة (المالكية، الشافعية، الحنابلة)، لا يوجد فرق بين الفرض والواجب، فكلاهما يُشير إلى الأفعال التي يجب القيام بها. ومع ذلك، في المذهب الحنفي، يُطلق مصطلح “الفرض” على ما ثبت بدليل قطعي، بينما يُطلق “الواجب” على ما ثبت بدليل ظني.
أقسام الواجب الشرعي
قسّم العلماء الواجب إلى عدّة أقسام تبعًا لاعتبارات مختلفة:
1. باعتبار ذاته
واجب مُعين: هو الذي لا يقوم غيره مقامه، كالصلاة.
واجب مُخيّر: ما كان المكلف فيه مخيرًا بين أشياء متعددة، ككفارة اليمين التي يمكن أداؤها بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة.
2. باعتبار وقته
واجب مُضيّق: ما لا يتّسع وقته لأكثر من فعله، كصيام رمضان.
واجب مُوسّع: ما كان وقته يتّسع لأكثر من فعله، كأوقات الصلوات الخمس.
3. باعتبار فاعله
واجب عيني: ما يجب على كل شخص بعينه، كالصلاة.
واجب كفائي: ما يكفي أن يقوم به بعض الأشخاص ليسقط الإثم عن الجميع، كصلاة الجنازة.
حكم ترك الواجب الشرعي
ترك الواجب الشرعي بدون عذر شرعي يُعتبر معصية، ويترتب عليه الإثم والعقوبة في الآخرة، ما لم يتب المسلم ويستغفر الله ويؤدي ما عليه.
أمثلة على الواجبات الشرعية
أداء الصلوات الخمس: فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل.
صيام شهر رمضان: واجب على كل مسلم قادر.
دفع الزكاة: واجب على من بلغ ماله النصاب وحال عليه الحول.
حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا: فرض مرة واحدة في العمر.
بر الوالدين: واجب دائم على المسلم.
الأسئلة الشائعة حول الواجب الشرعي
ما هو تعريف الواجب الشرعي؟
الواجب الشرعي هو ما أمر به الشرع أمرًا جازمًا بحيث يُثاب فاعله ويُعاقب تاركه. وهو يشمل الأفعال التي يجب على المسلم القيام بها بصفة إلزامية وفقًا للشريعة الإسلامية.
ما الفرق بين الواجب الشرعي والفرض؟
في بعض المذاهب الإسلامية، لا يوجد فرق كبير بين الواجب والفرض، فكلاهما يُشير إلى الأفعال التي يجب القيام بها. ومع ذلك، في المذهب الحنفي، يُطلق مصطلح “الفرض” على ما ثبت بدليل قطعي، بينما يُطلق “الواجب” على ما ثبت بدليل ظني.
ما هي أنواع الواجب الشرعي؟
أنواع الواجب الشرعي تشمل:
واجب عيني: ما يجب على كل مسلم بعينه القيام به، مثل الصلاة والصوم.
واجب كفائي: ما يكفي أن يقوم به بعض المسلمين ليسقط عن الباقين، مثل صلاة الجنازة.
واجب مطلق: ما لم يُحدد له وقت معين ويجب القيام به في أي وقت، مثل قضاء الصلاة الفائتة.
واجب مؤقت: ما حُدد له وقت معين يجب أداؤه خلاله، كصلاة الفريضة في وقتها.
واجب مُخيّر: ما أُعطي فيه المكلّف حرية الاختيار بين عدة أفعال تؤدي نفس الغرض، كما في كفارة اليمين.
واجب معين: ما لا يُجزئ عنه غيره، كصيام رمضان.
ما هي الحكمة من تشريع الواجبات الشرعية؟
تشريع الواجبات الشرعية لم يكن عبثًا، بل له حكم عظيمة تعود على الإنسان والمجتمع:
تحقيق العبودية لله: يقرّب المسلم من خالقه ويحقق هدف وجوده.
تنظيم الحياة: من خلال أحكام تفصيلية تنظم العلاقات والمعاملات.
تزكية النفس: تهذب الأخلاق وتزكي القلب.
تحقيق العدالة: من خلال الواجبات المالية والاجتماعية كبرّ الوالدين، والعدل في القول والعمل.
بناء مجتمع متماسك: عبر تطبيق واجبات كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هل يسقط الواجب الشرعي عن المسلم في بعض الحالات؟
نعم، في حالات معينة قد يسقط الواجب، ومنها:
الجهل غير المتعمد: إذا كان الشخص جاهلًا بالحكم ولم يكن بإمكانه التعلم.
النسيان: لا يُؤاخذ المسلم بالنسيان، ويجب عليه القضاء إن كان ذلك ممكنًا.
العجز: يسقط الواجب عن من لا يستطيع أداءه، كمن لا يستطيع الصيام بسبب مرض مزمن.
الإكراه: لا يُكلف الإنسان بما لا طاقة له به في حال الإكراه القهري.
متى يكون الواجب الشرعي فرض عين؟ ومتى يكون فرض كفاية؟
فرض عين: إذا تعلق بذات كل مسلم مكلف، لا يُسقطه قيام غيره به.
مثال: الصلاة، الصيام، الزكاة، الحج.
فرض كفاية: إذا قام به بعض الناس، سقط عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد، أثم الجميع.
مثال: تغسيل الميت، صلاة الجنازة، الجهاد الدفاعي.
هل يجوز تأخير أداء الواجب الشرعي؟
إذا كان الواجب موسعًا (كالصلوات ذات الوقت الواسع): يجوز التأخير بشرط ألا يخرج عن وقته.
إذا كان مضيقًا (كالصيام في رمضان): لا يجوز تأخيره.
إذا كان له بدل أو كفارة: يمكن تأجيله إلى حين القدرة مع ترتب القضاء أو الكفارة بحسب الحال.
أثر الالتزام بالواجبات في حياة المسلم
الالتزام بالواجبات يترك آثارًا عظيمة على الفرد والمجتمع، منها:
الراحة النفسية والطمأنينة: لأن المسلم يعلم أنه أدّى ما عليه من تكاليف شرعية.
النجاح في الدنيا والآخرة: لأن الواجبات تقوده للفلاح كما وعد الله.
الرضا الإلهي: وهو أعظم ما يسعى إليه المؤمن.
المجتمع المتوازن: حيث تسود فيه الأخلاق، والتعاون، والرحمة.
لماذا يُعاقب تارك الواجب الشرعي؟
لأن ترك الواجب فيه مخالفة صريحة لأمر الله ورسوله، والجزاء من جنس العمل، كما أن الالتزام بالواجبات ليس أمرًا اختياريًا، بل هو عقد بين العبد وربه يشمل الطاعة والانقياد.
هل يمكن أن يتحول الواجب إلى غيره من الأحكام؟
نعم، في حالات الضرورة أو تغير الأحوال، يمكن أن يتحول الحكم:
من واجب إلى مندوب: إن سقطت شروطه.
من واجب إلى محرم: إن صاحبه ضرر بيّن، كمثل الصيام المضرّ بالمريض.
من واجب إلى مباح: إذا لم يعد فيه إلزام لأسباب شرعية مؤقتة.
الواجب الشرعي ليس فقط قاعدة فقهية، بل هو أساس في حياة المسلم اليومية. بمعرفته والالتزام به، تتحقق العبودية الحقة، ويصل الإنسان إلى أعلى درجات السمو الروحي والاجتماعي.